جلطات الأوردة العميقة .. تتشكل داخل الأرجل وقد تؤدي إلى الموت
مرسلة بواسطة محمد على عابدين في 12:34 م الجلطات أو الخثرات الدموية تنقذ حياة الإنسان عندما تعمل على لأم الجراح. لكنها تكون خطيرة، بل ومميتة، عندما تتشكل داخل الشريان أو الوريد.
الخثرة الدموية التي تتشكل في الشريان التاجي بمقدورها أن تقود إلى حدوث نوبة قلبية، أما الخثرة الموجودة في شريان يغذي الدماغ فقد تؤدي إلى حدوث السكتة الدماغية، وإن تشكلت الخثرة الدموية داخل الارجل فإنها قد تتسبب في حدوث الجلطات (السدادات) thrombosis داخل الأوردة العميقة فيها.
وفي استطلاع أجرته رابطة الصحة العمومية الأميركية، لم يتعرف سوى واحد بالكاد من كل أربعة من البالغين على هذا المرض، كما قل عدد الذين يعرفون منهم علاماته أو أعراضه.
وهذه حالة مؤسفة لأن هيئة الجراحة العامة في الولايات المتحدة والخبراء الآخرين يقولون إن هذا الاضطراب في الأوعية الدموية يتسبب في عواقب صحية وخيمة وفي أعداد معتبرة من الوفيات سنويا.
خثرات الأوردة العميقة
إن جلطات الأوردة العميقة Deep ـ vein thrombosis (DVT) هي خثرات دموية تتشكل داخل الوريد الذي يوجد في أعماق الرجل أو الذراع، أما الانسداد الوعائي الرئوي pulmonary embolism (PE) فهو من النتائج الخطيرة لهذه الجلطات، وغالبا ما يكون مميتا. وتحدث هاتان الحالتان لدى 600 ألف أميركي كل سنة، مؤدية إلى مقتل 100 ألف منهم على الأقل، وتعادل أعداد الوفيات هذه الأعداد الناجمة عن سرطانات الثدي والبروستاتا والقولون مجتمعة، كما يظل ثلث المصابين بها يعانون من نتائجها لزمن طويل.
ولعلكم كنتم قد سمعتم بهاتين الحالتين المرتبطتين بعضهما ببعض بوصفهما ما أطلق عليه اعتباطا اسم «متلازمة مقاعد الدرجة الاقتصادية» (في الطائرات ـ المحرر)، إلا أن رحلات الطيران لا تؤدي إلا إلى حدوث نسبة ضئيلة من جلطات الأوردة العميقة أو الانسداد الوعائي الرئوي، إذ إن التعرض للأذى والجروح، والإعاقة الحركية، واضطرابات تخثر الدم، تعتبر الأسباب الرئيسية لحدوثهما.
خثرات مؤذية
الدم الذي يدور في الرجلين والقدمين، يقوم بالتدفق ضد قوى الجاذبية الأرضية لدى عودته من رحلته، راجعا إلى القلب، وتساعد تقلصات عضلات الرجل على تحريك الدم العائد، أثناء المشي أو تحريك الأطراف، وتقوم هذه التقلصات بالضغط على الأوردة وعصرها، الأمر الذي يدفع الدم عبرها.
وتقوم الصمامات الصغيرة داخل الأوردة بالحفاظ على تدفق الدم باتجاه القلب، ولكي يظل الدم في حالته السائلة، يتوجب عليه أن يكون متدفقا، وأي شيء يبطئ تدفق الدم عبر الذراعين أو الرجلين يوفر الظروف لتشكيل الخثرات الدموية، وقد يظهر هذا في عدد من الحالات تتراوح بين شخص وضعت رجله أو ذراعه في الجبس من دون حركة، أو الجلوس أو الاستلقاء في السرير لفترات طويلة.
كما أن الحالات التي تؤدي إلى احتمال تخثر الدم مثل الاضطرابات الوراثية وأمراض السرطان، هي أمور أخرى تقود إلى حدوث جلطات الأوردة العميقة.
وعندما ينفصل جزء من الخثرة الدموية ويتحرك عبر مجرى الدم فإنه يصبح «سدّادة»، وعندما يصل إلى الرئة، يحدث الانسداد الوعائي الرئوي الذي يؤدي إلى وفاة واحد من كل خمسة مصابين به.
التعرف على العلامات
إن واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه عملية رصد جلطات الأوردة العميقة، أو حالة الانسداد الوعائي الرئوي، تتمثل في أن علاماتهما وأعراضهما يحاكيان أعراضا لمجموعة من الحالات المرضية الأخرى.
وفي ما يلي أكثر العلامات التحذيرية شيوعا:
- جلطات الأوردة العميقة: الألم أو الشعور بالألم عند الضغط على الرجل (خصوصا في إربة الساق، مع شعور بتقلصات أو تشنجات لا يبدو أنها زائلة)، أو ذراع تسوء حالتها، ولا تتحسن، مع الزمن. التورم في رجل أو في ذراع واحدة، احمرار جلد الرجل أو الذراع أو ازرقاقه، الشعور بالحرارة في أحد الأطراف عند لمسه.
- الانسداد الوعائي الرئوي: صعوبات في التنفس، ألم في الصدر أو شعور بعدم الراحة فيه يزداد سوءا مع التنفس العميق أو السعال، السعال المصحوب بالدم، تسارع دقات القلب، الشعور المفاجئ بالدوار أو الإغماء.
ويظهر الخطر عندما يبدو أي من هذه الأعراض مع وجود تاريخ مرضي للشخص الذي ظهرت عليه.
ويبحث الأطباء عادة عن جلطات الأوردة العميقة بتوظيف الموجات فوق الصوتية. وتشمل الاختبارات الأخرى «الفينوغرام» venogram (وهي صورة خاصة للرجل بأشعة إكس)، أو التصوير بالمرنان المغناطيسي.
أما في حالة الشك في وجود انسداد وعائي رئوي فيجري اختبار يسمى «دي ـ دايمر» D ـ dimer test، وبمقدوره الكشف عن المستويات العالية لنواتج تكسر أو انفصال الخثرات الدموية في مجرى الدم، كما يجري عادة التصوير بالأشعة المقطعية.
العلاج
الهدف الرئيسي لعلاج جلطات الأوردة العميقة هو درء حدوث الانسداد الوعائي الرئوي، ثم يأتي بعد ذلك تخفيف الأعراض وتحسين تدفق الدم في الأطراف المصابة، والاستلقاء في الفراش مع رفع القدمين، إما في المنزل أو في المستشفى إلى جانب توفير أجواء من الحرارة الرطبة بمقدورها أن تخفف من الألم والتورم.
الأدوية مهمة أيضا. «الهيبارين» Heparin أو الأدوية المسيّلة للدم التي تحقن في الجسم مثل «الهيبارين ذي الوزن الجزيئي الضئيل» low ـ molecular ـ weight heparin أو «فوندابارينكس» fondaparinux (»اريكسترا» Arixtra) تمنع من تزايد حجم الخثرة وتدرأ تشكيل خثرات جديدة.
ويتم تناولها لما بين خمسة إلى سبعة أيام، ثم يجري استبدالها تدريجيا باستعمال «وارفارين» warfarin (»كومادين» Coumadin، «جانتوفين» Jantoven، والأدوية الأصلية generic) لمدة ستة أشهر أو أكثر. كما يوصى باستعمال الجوارب الضاغطة التي تعصر الرجلين.
وفي العادة فإن العوامل المدمرة للتخثر الموجودة طبيعيا في الجسم تقوم بتدمير الخثرات، ومن المهم أحيانا تسريع مثل هذه العملية، ويمكن أن يتم هذا بعملية لإزالة الخثرة تسمى «إزالة الجلطة الوريدية» venous thrombectomy وذلك بحقن عقار مذيب للخثرات.
ويظل علاج الانسداد الوعائي الرئوي أمرا أكثر أهمية ويحمل طابعا استعجاليا، ويستخدم «هيبارين» و«وارفارين» لضمان استقرار الخثرة ومنع تشكيل خثرات أخرى.
وتتراوح العلاجات الإضافية وفقا لحجم الخثرة وحدتها، بين استعمال أدوية مذيبة للخثرات إلى إزالة الخثرة، أو وضع راشح في الوريد الأجوف السفلي inferior vena cava، وهو الوريد الكبير الذي يحمل الدم من الجزء الأسفل من الجسم إلى القلب.
ما بعد الإصابة
لبعض الناس تكون جلطات الأوردة العميقة، أو الانسداد الوعائي الرئوي، حدثا عابرا يحصل مرة واحدة نتيجة أذية أو تغيرات مؤقتة في قابلية الدم للتخثر، ولكن، لآخرين، فإنهما يتحولان إلى مشكلة صحية طويلة الأجل.
وإن وقعت ضحية لجلطات الأوردة العميقة أو الانسداد الوعائي الرئوي فإنك ستكون معرضا لخطر أكبر في الإصابة بهما لاحقا، ويتجدد حدوث جلطات الأوردة العميقة لدى ثلث الذين أصيبوا بها سابقا خلال 10 أعوام لاحقة، وتظهر هذه الإصابة مجددا لدى الرجال أكثر بثلاث مرات عن النساء.
وعندما تقود الخثرة الدموية إلى إحداث ضرر في وريد إحدى الرجلين أو الذراعين فإنها قد تؤدي إلى حالة تقليل كفاءة عمل الوريد المزمنة، التي تسمى أيضا «متلازمة ما بعد الجلطة» post ـ thrombotic syndrome.
وتسمح هذه الحالة بوجود «حوض» من الدم في الرجل مما يسبب التورم والألم عند القيام، كما يمكن للصمامات المتضررة أن تتسبب في ظهور الدوالي، وفي زوال لون الجلد، بل إنها حتى قد تؤدي إلى ظهور تقرحات جلدية مؤلمة.
أما الكثير من الناجين من الانسداد الوعائي الرئوي فيظلون يعانون من مشاكل مستديمة مثل ضيق التنفس المزمن، أو ارتفاع ضغط الدم الرئوي، أو عجز القلب.
الوقاية والرصد المبكر
إنهما مسألتان حيويتان، بمقدورك اتخاذ خطوات بسيطة لدرء حدوث جلطات الأوردة العميقة والانسداد الوعائي الرئوي.
إن تحريك الرجلين هو أفضل دواء. وإن كان عليك أن تجلس لساعات عديدة كل مرة ـ في الطائرة، في القطار أو السيارة، في المكتب بل وحتى في المنزل ـ فعليك القيام والتمشي مرارا كلما أمكن ذلك.
وعندما تجلس ساعد عضلاتك على دفع الدم نحو القلب برفع وخفض كعبي قدميك في نفس الوقت الذي تحافظ فيه على وجود أصابعهما على الأرض، ورفع وخفض أصابع قدميك فيما يكون الكعبان على الأرض، وبشد واسترخاء عضلات الرجلين. لا تلبس جوارب طويلة تشد إربة الساق، وتناول الكثير من المياه.
إن كنت من الذين أصيبوا بجلطات الأوردة العميقة أو الانسداد الوعائي الرئوي، استشر طبيبك حول نوع الأدوية اللازمة لك.
ارتدِ الجوارب الضاغطة التي تمسك الرجل بنعومة أثناء السفر، أو حينما تجلس لفترات طويلة. وإن كنت من الملازمين للفراش استشر الطبيب حول سبل درء حدوث الجلطات.
ورغم أن أكثرية حالات الجلطات في الأوردة العميقة، والانسداد الرئوي تحدث في المستشفيات وفي دور رعاية المسنين، فإن الأطباء كثيرا ما يخفقون في رصدها وعلاجها.
- جلطات الأوردة العميقة الحركة مفتاح السلامة
- جلطات الأوردة العميقة
ـ الخثرات الدموية التي تتشكل في وريد في الرجل أو الذراع قد تؤدي إلى عواقب وخيمة، خصوصا إن انفصل جزء من الخثرة وانتقل نحو الرئتين (وتسمى الحالة عندئذ الانسداد الوعائي الرئوي).
- رصد العلامات التحذيرية والتوجه لطلب العلاج السريع بمقدورهما إنقاذ الحياة ودرء المضاعفات الخطيرة.
- الوقاية هي مفتاح السلامة: حرّك رجليك باستمرار خصوصا عند جلوسك لفترات طويلة، تناول المياه لمنع الجفاف، واسأل الطبيب حول الأدوية والعلاجات الأخرى إن كنت تعاني، أو يعاني أحد أطرافك، من الإعاقة الحركية.
عوامل التعرض للخطر غالبية الناس يمضون حياتهم من دون أن يمروا أبدا بحالتي جلطات الأوردة العميقة، أو الانسداد الوعائي الرئوي. إلا أن الآخرين لا يكونون محظوظين.
وتشمل العوامل التي ترفع احتمالات ظهور مثل هذه الحالات ما يلي:
- تضرر أحد الأوردة بسبب عظم مكسور، أذية أو صدمة كبيرة، عملية جراحية كبيرة وخصوصا عمليات في منطقة البطن أو عظم الحوض أو الساق.
- قلة تدفق الدم الناجم عن الاستلقاء في الفراش لمدة طويلة، أو انعدام الحركة بسبب التجبير، أو الجلوس لفترات طويلة.
- تناول الهرمونات مثل التيستوستيرون أو الاستروجين (ومنها حبوب منع الحمل أو العلاجات الهرمونية لمرحلة ما بعد سن اليأس).
- حالات مرضية مثل «عامل في ليدين» factor V Leiden وغيره من اضطرابات تخثر الدم الموروثة، أمراض الرئة، أمراض الأمعاء الالتهابية، وأمراض السرطان.
- السمنة، التدخين، أو وجود تاريخ عائلي لحالات جلطات أوردة الرجل العميقة.
مشاكل الأوردة العميقة
(1) تحتوي أوردة الرجل على صمامات صغيرة تحافظ على تدفق الدم نحو القلب.
وقد يقود التعرض للأذية أو الصدمة، والإعاقة الحركية، والعوامل الأخرى، إلى تشكيل الخثرات الدموية
(2) في داخل الوريد. وفي بعض الأحيان ينفصل جزء من الخثرة
(3) ويدخل إلى الدورة الدموية. وإن حدث وتوقف هذا الجزء في الرئتين فقد يتسبب في احتمال الانسداد الوعائي الرئوي المميت.