شكَّكت دراسة علمية حديثة أجراها فريق باحثين من جامعة أكسفورد البريطانية بجدوى إعطاء الأطفال عقاري "تاميفلو" و"ريلينزا" لمعالجة إصاباتهم بإنفلونزا الخنازير.
وقالت الدراسة، والتي نُشرت نتائجها في المجلة الطبية البريطانية، إن العقارين المذكورين نادرا ما يحولان دون حدوث مضاعفات لدى الأطفال المصابين بالإنفلونزا الموسمية العادية، ناهيك عن الآثار الجانبية لهذين المضادين للفيروسات.
وعلى الرغم من أنهم لم يقوموا بتجريب العقارين على أطفال مصابين بفيروس إنفلونزا الخنازير، إلا أن الباحثين يقولون إنه من غير المحتمل أن يساعد هذان العقاران على شفاء الأطفال الذين يلتقطون فيروس (H1N1).
وقال الباحثون إن إعطاء العقارين المذكورين للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين العام الواحد و12 سنة يعني أن المخاطر التي تنجم عن تناول الدوائين قد تفوق أي فوائد تدرها عملية العلاج بهما على الأطفال المرضى من هذه الفئة العمرية بالذات.
راحة وسوائل
وأضافوا بالقول إنه يتعين على أهل الأطفال المصابين بفيروس إنفلونزا الخنازير التأكد من ان أبناءهم يحصلون على الكثير من الراحة وعلى سوائل كافية، كما يتعين عليهم الاتصال بالطبيب في حال ساءت حالة الطفل المريض.
لكن الباحثين رأوا أن معظم حالات الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير تُعد مرضا بسيطا وطفيفا نسبيا.
كما يشير البحث أيضا إلى فاعلية استخدام مضادات الفيروسات من قبل المرضى البالغين في احتواء انتشار الفيروس.
فقد وجد الباحثون أن منع وقوع مجرد إصابة جديدة واحدة يتطلب معالجة 13 شخصا، الأمر الذي يعني أن مضادات الفيروسات تقلل انتشار المرض بنسبة 8 بالمائة.
ويقول الدكتور ماتيو تومبسون " توصل بحثنا إلى نتيجة مفادها أنه بالنسبة لمعظم هؤلاء الأطفال، لا يُحتمل أن تعطي العقاقير المضادة للفيروسات كبير نتيجة أو أثر بالنسبة لمن يتم علاجهم بهذه الطريقة".
مراجعة ومحاولات
وكان فريق الباحثين المذكور، برئاسة الدكتور ماتيو تومبسون، قد أجرى مراجعة لأربع محاولات لعلاج 1766 مصابين بالإنفلونزا الموسمية العادية، كما قاموا بمراجعة ثلاثة محاولات تتعلق باستخدام مضادات الفيروسات للحد من انتشار الإنفلونزا الموسمية لدى 863 طفلا آخر.
وقال الدكتور تومبسون: "لقد توصل بحثنا إلى نتيجة مفادها أنه بالنسبة لمعظم هؤلاء الأطفال، لا يُحتمل أن تعطي العقاقير المضادة للفيروسات كبير نتيجة أو أثر بالنسبة لمن يتم علاجهم بهذه الطريقة."
أما الدكتور كارل هينيجان، وهو أحد أعضاء فريق البحث المذكور، ويعمل أيضا طبيبا عاما ومحاضرا لمادة الطب السريري في جامعة أوكسفورد، فقال إن السياسة المتبعة حاليا بالنسبة لإعطاء دواء "تاميفلو" للمرضى الذين يعانون من إصابات طفيفة بإنفلونزا الخنازير هي "استراتيجية غير مناسبة".
وأضاف الدكتور هينيجان بقوله: "إن التأثير السلبي للأضرار (أي أضرار تناول عقار تاميفلو) تفوق منافع تخفيض علامات الإصابة بالمرض لمدة يوم واحد."
نتائج "غير مفاجئة"
من جانبه، قال البروفيسور هيو بينينجتون، وهو خبير في مجال مرض الإنفلونزا، إن نتائج البحث الجديد لم تكن مفاجئة، فقد جاءت لتؤكد ما كان معروفا من قبل بالنسبة لعقار "تاميفلو".
وأضاف بقوله: "عقار تاميفلو له مكان نعم، لكنه ليس بذلك الدواء العجيب."
يُشار إلى أن الجهات الصحية في العديد من دول العالم دأبت خلال الفترة الماضية على إعطاء هذين النوعين من العقاقير لكل من تثبت إصابته بإنفلونزا الخنازير.
"السلامة أولا"
فعلى سبيل المثال، قالت وزارة الصحة البريطانية إن نهجها في هذا المجال يعتمد على فكرة "السلامة أولا"، فهي تعتبر أن إعطاءها مثل مضادات الفيروسات هذه لكل مصاب بالفيروس المذكور أمرا مقبولا وحكيما.
فقد قال متحدث باسم الوزارة: "في الوقت الذي يوجد فيه شك بشأن الكيفية التي يؤثر فيها فيروس إنفلونزا الخنازير على الأطفال، فإننا نعتقد بأن نهج السلامة أولا، والمتمثل بإعطاء مضادات الفيروسات لكل شخص مصاب، يظل نهجا عقلانيا ومنطقيا مسؤولا."
لكن الوزارة وعدت بمراجعة سياستها في مجال إعطاء المرضى هذين العقارين في المستقبل، إذ قال المتحدث نفسه: "على كل، سوف نبقي هذه السياسة قيد المراجعة، وذلك في الوقت الذي نتعلم فيه المزيد عن الفيروس وآثاره."
مراجعة "عاجلة"وكان نورمان لامب، وزير الصحة في حكومة الظل التابعة لحزب الديمقراطيين الأحرار في بريطانيا، قد دعا إلى إجراء مراجعة عاجلة للسياسة الراهنة المتعلقة بإعطاء مضادات الفيروسات لكل من يُصاب بفيروس إنفلونزا الخنازير.
إلا ان البروفيسور ستيف فيلد، رئيس الجمعية الملكية للأطباء العامين في بريطانيا، قال "إن السياسة الحالية صحيحة".
نصائح للأهل
- معظم حالات إنفلونزا الخنازير طفيفة وبسيطة نسبيا
- يجب أن يحصل الأطفال المصابون بالفيروس على قسط وافٍ من الراحة وعلى كميات كافية من السوائل
- اتصلوا بطبيب الأطفال في حال ساءت أحوال الطفل المريض، أو في حال كان لديكم ثمة سبب للقلق
- قد يصف الطبيب دواء "تاميفلو" لطفلكم المصاب، وقد تضطرون للاتصال بالجهات المسؤولة عن التعامل مع حالات الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير
- كما أيدت الكلية الملكية البريطانية لأطباء الأطفال وصحة الطفل نهج وزارة الصحة في التعامل مع المصابين بفيروس إنفلونزا الخنازير.
دواء جديد
وقد جاءت هذه التطورات في نفس اليوم الذي أعلن فيه مختبر ياباني عن نجاح تجارب أجراها لإنتاج دواء جديد لمعالجة إصابات الإنفلونزا، وخاصة فيروس (H1N1) المسبب لإنفلونزا الخنازير.
فقد ذكر متحدث باسم مختبر "دايشي سانكيو" أن العقار الجديد "سي إس 8958" سيكون منافسا قويا لعقار "تاميفلو"، وتوقع أن يتم طرحه في الاسواق بحلول شهر أبريل/ نيسان المقبل.
يذكر أن عقار (سي إس 8958) معروف تجاريا باسم (لانيناميفير) ويستخدم لعلاج المصابين بالإنفلونزا الموسمية، لكن مختبر "دايشي سانكيو" يعتقد أنه من الممكن أن يكون مفيدا لعلاج إنفلونزا الخنازير أيضا بتركيبته الجديدة.
وقال المتحدث باسم المختبر المذكور إن العقار أثبت فعالية وسرعة في شفاء المصابين بإنفلونزا الخنازير، وذلك بعد تجريبه على مجموعة من المرضى البالغين على مدى خمسة أيام، وبواقع جرعتين يوميا.
علاج رئيسي
يُذكر أن مضادات الفيروسات هي العلاج الأساسي الذي يُقدم في الوقت الراهن لمن يُصابون بفيروس إنفلونزا الخنازير في كافة أنحاء العالم، إذ لا يوجد بدائل متوفرة، ولا يُتوقع طرح أي عقار فعال للفيروس قبل شهر سبتمبر المقبل.
والغاية من إعطاء مضادات الفيروسات هي التأكد من أن الأعراض تظل بسيطة، وذلك بالإضافة إلى تقليل فرص نقل الشخص المصاب الفيروس إلى شخص آخر.
وقد انتقلت بعض الدول، ومنها بريطانيا، من مرحلة محاولة احتواء انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير إلى "مرحلة العلاج"، أي أن عقار "تاميفلو" يُعطى فقط للأشخاص المصابين فعلا بالفيروس، وليس لمن هم على تواصل معهم.

0 Comments:

Post a Comment