في القرن التاسع عشر كانت غالبية أنواع العمل تشمل ممارسة النشاط البدني، وفي القرن العشرين أصبحت الرياضة البدنية هدفا من أهداف الترويح عن النفس. أما اليوم، فإن الرياضة قد أضحت بالفعل أحد المتطلبات الطبية.
التمارين الرياضية
إنها رخيصة، متاحة، وتمثل الخطوة الوحيدة الفعالة التي تتيح للأشخاص من غير المدخنين، الذين يمارسونها، تجنب الأمراض المزمنة المسببة للوفاة، إلا أن النشاط البدني المنتظم يظل صعب المنال.
ورغم ازدياد الدلائل على أنه يقلل من خطر السمنة، وأمراض القلب، والسكري، والكآبة، وأنواع عديدة من السرطان، فإن المواطن المتوسط لا يزال خاملا بدرجة كبيرة.
ومع ذلك، فإن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية لم تعلن استسلامها، فقد شكلت في عام 2007 لجنة من الخبراء لتقييم عشر سنوات من الدلائل العلمية حول فوائد النشاط البدني. وقالت الدكتورة آي مين لي عضو اللجنة، التي تشغل أيضا عضوية المجلس الاستشاري في مجلة «مراقبة صحة المرأة» في هارفارد، إنها وجدت، وزملاءها كذلك «نطاقا باهرا من الفوائد الصحية للنشاط البدني».
وقدمت اللجنة نتائج عملها. وفي خريف عام 2008 الماضي أصدرت الحكومة وصفة للتمارين الدقيقة لكل المواطنين.
قواعد للجميع
وتعتبر «قواعد النشاط البدني للأميركيين عام 2008»2008 Physical Activity Guidelines for Americans ، أكثر شمولا من أي من القواعد التي قدمتها الجهات الصحية الأخرى، وأكثر اتساعا من توصيات الوزارة السابقة نفسها.
وبينما تؤكد هذه القواعد على أن ساعتين من النشاط المعتدل أسبوعيا تقدم فوائد صحية مهمة، فإنها تؤكد أيضا أن زيادتها تؤدي إلى زيادة الفوائد.
وكما قالت الدكتورة لي، فإن «أي نشاط بدني يمكن أن يمارسه الفرد، جيد، إلا أن زيادته أفضل».
كما أن القواعد توجه إلى الجميع، فهي لا تضع المقاييس للبالغين فقط، بل لكل شخص من عمر 6 سنوات فأكثر.. للأطفال، والمراهقين، وللنساء الحوامل، وكبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة، وأصحاب الإعاقات..
أي أنه لم يسلم منها أحد!، فالبالغون، سواء من عمر 18 أو 81 سنة مطالبون بتخصيص ما لا يقل عن 150 دقيقة (ساعتين ونصف) للنشاط المعتدل، أو 75 دقيقة (ساعة واحدة و15 دقيقة) للنشاط الشديد، أو توليفة من كليهما كل أسبوع.
ويجب أن تمتد كل حصة من التمارين إلى 10 دقائق، وأن توزع بالتساوي على أيام الأسبوع.ويُنصح البالغون أيضا بممارسة رياضة تقوية العضلات مرتين في الأسبوع.
كما يناشد الخبراء الذين وضعوا القواعد، الأشخاص المرضى أيضا بالالتزام بهذه القواعد، رغم أنهم يشيرون إلى ضرورة البدء بها تدريجيا لفترة أطول.
ويجب على الأطفال والمراهقين أن يمارسوا فترات من التمارين الرياضية أكثر من البالغين: لفترة ساعة واحدة يوميا على الأقل (أي 420 دقيقة في الأسبوع)، تشمل رياضة الآيروبيك (الهوائية)، ورياضة تقوية العضلات والعظام.
كما تميز القواعد أيضا بين مختلف مستويات النشاطات البدنية، فمثلا، فللبالغين في أواسط أعمارهم تعني تمارين الآيروبيك المعتدلة ممارسة المشي بسرعة 3 إلى 5 أميال (5 إلى 8 كلم) في الساعة. أما التمارين الشديدة، فتكون السرعة فيها أعلى من ذلك.
وفي سلم للقياس من عشر درجات، يكون الصفر مقابلا لحالة الجلوس، و10 للركض بأقصى سرعة، ولذلك فإن التمارين المعتدلة تبدأ من 5 درجات، بينما تبدأ التمارين الشديدة من 7 درجات.
وربما تكون أسهل الطرق للتمييز بين التمارين المعتدلة والشديدة، هي محاولة التحادث أثناء ممارستها.. فإذا كان بمقدورك التحادث، ولكن يصعب عليك الغناء، فإن تمارينك معتدلة، وإنْ وجدت صعوبة في التحادث، فإنها شديدة.
أما تمارين التقوية، فينبغي أن تشمل كل مجموعات العضلات في الرجلين، عظمي الحوض، والظهر، والمعدة، والكتفين، والذراعين.
وعليك إعادة كل تمرين لكل مجموعة من العضلات بين 8 و12 مرة. وهناك العديد من تمارين الآيروبيك، التي تقدم تمرينات للعضلات أيضا.. فعلى سبيل المثال، فإن الهرولة تقوي الرجلين وعظمي الحوض، والتجديف يعزز عضلات الذراعين والرجلين والصدر والكتفين.
زد فترة التمارين
تخطى حدود فترات التمارين، إنْ أمكنك ذلك، كما تشير القواعد. ومتى ما وصلت إلى المستويات المطلوبة منها، فبإمكانك زيادة فترة التمارين لبضع دقائق يوميا (لتقليل أي أضرار).
وقد وجدت اللجنة الوزارية أن زيادة فترات التمارين إلى ضعف الفترة التي توصي بها، تقدم فوائد أكثر، وتؤمن وسيلة فعالة لتنظيم الوزن، إلا أن الجميع يعلمون أن الصعوبة هي في بداية تنفيذ التمارين المطلوبة.
تمارين النساء الحوامل
تشير القواعد التي نشرتها كلية طب التوليد الأميركية عام 2002 التي توافق عليها الوزارة، إلى أن النساء أثناء الحمل وبعد الولادة، والنساء اللواتي لا يشكين من مضاعفات أثناء الحمل، يمكنهن محاولة ممارسة التمارين المعتدلة لفترة 30 دقيقة في أغلب أيام الأسبوع، أو كلها، إلا أن عليهن الامتناع عن ممارسة ألعاب الجمناستيك، أو التزحلق على الجليد.
ويمكن للمرأة الحامل الاستمرار في ممارسة السباحة والمشي وركوب الدراجة الهوائية واليوغا.
أما النساء اللواتي لا يعانين من أي مضاعفات في الحمل ممن كن يمارسن الرياضة الشديدة، فيمكنهن ممارستها، ولكن بعد استشارة الطبيب فقط.
النشاط البدني يقلل من ظهور حالة سكري الحمل، وارتفاع ضغط الدم، وفي نفس الوقت يخفف الآلام المصاحبة للحمل، مثل أوجاع القدم، ويكافح الإمساك واضطراب النوم.
كما يعزز النشاط البدني القوة والعزيمة التي تسهل عملية الولادة، ويقلل من الكآبة بعد الولادة.
توصيات لممارسة المرضى للتمارين الرياضية
تشدد قواعد وزارة الصحة والخدمات الإنسانية على أن يمارس الأشخاص المرضى وأصحاب الإعاقات، إنْ تمكنوا من ذلك، نفس فترات التمارين الرياضية المخصصة للآخرين من البالغين.
وهذه الوصفة ربما تكون متعبة، خصوصا لأصحاب الإعاقات التي تمتص الإعاقة طاقتهم، أو تعوق حركتهم، مثل الكآبة، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل، إلا أن التمارين الرياضية المنتظمة يمكنها في الواقع تحسين المزاج ومستوى الطاقة، وزيادة قوة العضلات والعظام، وتقليل الألم المصاحب للعديد من المشاكل الصحية.
ولذلك، وحتى إنْ كانت المشاكل الصحية تزيد من صعوبة اتباع هذه القواعد، فإن عليك ممارسة الرياضية بأفضل ما يمكن، وتجنب الخمول.
وتنصح قواعد الوزارة المرضى المعاقين أو المصابين بأمراض مزمنة التشاور مع الطاقم الصحي المشرف على رعايتهم حول أنواع التمارين الرياضية ومستواها.
وتقدم مراكز الصحة الوطنية والمنظمات الأخرى، مثل جمعية القلب الأميركية، وجمعية التصلب المتعدد الوطنية، معلومات حول التمارين الرياضية المخصصة لكل حالة مرضية.
وعلى سبيل المثال، فإن مؤسسة هشاشة العظام الوطنية تقترح تمارين خفيفة لبناء العظام، وتقليل خطر تكسر العظم أثناء ممارستها.
ويقدم الموقع الإلكتروني لكلية الطب الرياضي الأميركية أيضا نصائح مفصلة للمصابين بأمراض مزمنة، كما يقدم دليلا خاصا («خطط العمل»،«Action Plans») تُناقَش فيه التحديات الخاصة بحالات سن اليأس من المحيض، والحساسية، وآلام المفاصل، والسكري، وهشاشة العظام، وارتفاع مستوى الكولسترول، وارتفاع ضغط الدم. كما يقدم الموقع «وصفتك الصحية» Your Prescription for Health، وهي قائمة من عدة نقاط خاصة بالنشاط البدني، تشمل مرض الزهايمر، وحدوث الجلطات أثناء ممارسة الرياضة، والقلق والكآبة، وأمراض القلب، والسرطان، وآلام أسفل الظهر، واضطرابات البصر.

0 Comments:

Post a Comment